طالما أن الثقة فى السيولة الوفيرة لا يهزها شيء فسيشعر المستثمرون بالإغراء فى شراء الأسهم المتراجعة
كفاية الفنيات يثير مزيدا من الشكوك بمرور الوقت كلما واصلت التقييمات الانفصال عن واقع الشركات والاقتصاد
تجاهلت الأسواق، الأسبوع الماضى، رياحا معاكسة كان من شأنها فى الماضى أن توقف صعودا يقترب من مستويات قياسية.
وهذه هى القصة فى الأسواق منذ فترة من الوقت، مما يعكس القوة المتواصلة للفنيات السوقية التى تقودها السيولة. ولكن ما هو مثير للملاحظة بالفعل هو كيف تمت هذه العملية؟
فقد أدت موجة الصعود الأحدث فى الأسهم، إلى رفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» و«ناسداك» إلى مستويات قياسية، وإلى تعويض مؤشر «داو جونز» جميع خسائره تقريبا العام الحالى، وإلى ارتفاع جميع مؤشرات الأسهم العالمية إلى المنطقة الإيجابية.
وهذا حدث رغم استمرار الجمود فى الكونجرس بشأن حزمة إغاثة جديدة من فيروس كورونا، ورغم الدلائل على عدم التقدم على صعيد التعافى الاقتصادى بما فى ذلك المؤشر الاقتصادى الأسبوعى الذى يصدره «الاحتياطى الفيدرالى» فى ولاية نيويورك.
وتعد قدرة الأسهم على تجاهل الأخبار الاقتصادية والسياسية غير المحببة ليست جديدة.. بل إنها واحدة من أبرز السمات فى الأسواق التى اعتادت بشدة على تلقى سيولة وفيرة كدعم من البنوك المركزية. ولكن ربما ما هو أكثر تميزا الآن هو كيف غيّر المستثمرون أفكارهم واستثماراتهم الأسبوع الماضى لرفع الأسواق لأعلى.
ويمكن تشبيه الأمر بحركة البندول.. ففى بداية الأسبوع راهن المستثمرون على أن الأسهم المتراجعة ستستفيد من إعادة فتح الاقتصاد، وكانت النتيجة تفوقا ملحوظا فى الأداء لمؤشر «داو» الذى كان متأخرا عن مكاسب مؤشر ناسداك بنسبة تجحظ لها الأعين عند %25 حتى الآن، العام الحالى.
أما فى اليومين الماضيين، عاد المستثمرون إلى الرهان على شيء كان مألوفا للغاية بالنسبة لهم، وهو أسهم التكنولوجيا التى يرونها تقدم فرص نمو بجانب توفيرها حماية من التراجع بسبب أرصدة النقدية الهائلة لديها والتدفقات النقدية الإيجابية لبعض أكثر الشركات تأثيرا، مثل «آبل» التى سجلت مستوى قياسى جديدا لسعر السهم يوم الخميس، فى حين أعلنت عن إصدار كبير لسندات.
ويفسر كذلك هذا التحول فى منتصف الأسبوع، الارتفاع فى أسعار الذهب بعد تراجعه فى وقت سابق. فالمعدن النفيس يجذب حصة متزايدة من تدفقات تخفيف المخاطر من سندات الحكومة الأمريكية، ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة فى حين انخفضت أسعار السندات الحكومية، وعند %72 و56 نقطة أساس على التوالى، عادت عوائد سندات آجل 10 سنوات ومنحنى العائد بين سندات لأجل عامين و10 أعوام إلى مستويات لم تكن مشهودة منذ عدة أشهر وسط ما كان يوصف بتبنى الأسواق المؤقت لفكرة التعافى الاقتصادى الحاد على شكل حرف «V».
وطالما أن الثقة فى السيولة الوفيرة لا يهزها شيء – وسيتطلب الأمر الكثير لهز ثقة الأسواق فى نهج سلوكى أثبت مرارا وتكرارا أنه مربح للغاية – سيشعر المستثمرون بالإغراء فى شراء الأسهم المتراجعة، وكيف يفعلون ذلك على البندول؟ وسيستمر التأثر بالتصورات المتعلقة بكفية إدارة الطواريء الاقتصادية والصحية.
والارتفاع العام فى أسعار الأسهم الناتج عن ذلك مع الوقت يجذب المزيد من مستثمرى التجزئة ويهمش المؤسسات الاستثمارية التى تميل أكثر إلى تبديد أو تقصير فترة موجة الصعود، كما أنه يزيد من رهان الأسواق الرئيسى بأنه على المدى الطويل سوف يتحول من الاعتماد الكثيف على فنيات السيولة إلى دعم أوسع من تحسن أسس الاقتصاد والشركات.
وبعد كل شيء، فإن تحسن الفنيات أمر ضرورى لاستمرار الارتفاع المبهر فى الأسواق، ولكن قدرة هذه الفنيات على البقاء كافية، يثير مزيدا من الشكوك بمرور الوقت كلما واصلت التقييمات الانفصال عن واقع الشركات والاقتصاد، ومثلما يحدث فى فترات الانكماش الكبيرة، ستميل الأسواق إلى التقدم بقوة فى الاتجاه الصعودى، فى انتظار أدلة لا لبس فيها على أن التقنيات تتلاشى بالفعل.
بقلم: محمد العريان
المستشار الاقتصادى لمجموعتى «أليانز»، و«جرامسرى»، رئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج
The post محمد العريان يكتب: كيف يحافظ المستثمرون على صعود الأسواق فى وجه الرياح المعاكسة؟ appeared first on Economy Plus.
للمزيد من التفاصيل اضغط هنا : https://bit.ly/2DW3l17