recent
أخبار ساخنة

لماذا لا تستطيع الصين تعزيز نموها الاقتصادى؟



تظهر أرقام الناتج المحلى الإجمالى الجديدة فى الصين، أن ثانى أكبر اقتصاد فى العالم ينمو بوتيرة هى الأبطأ منذ أوائل التسعينيات، ويعرف القادة الصينيون ما يحتاجون لوقف التراجع وهو ضخ المزيد من الائتمان فى شركات القطاع الخاص التى تولد أغلب الوظائف والنمو.
وحقيقة أن النمو لا يرتفع بغض النظر عن مجهودات الحكومة قد يوحى بأن البنوك تقاوم هذه المبادرة، ولكن المشكلة ليست إذا كانوا يلتزمون أم لا وإنما كيف يختارون الالتزام بذلك.
والحكومة محقة فى أن صحة القطاع الخاص ضرورية لحيوية الاقتصاد ككل، وتشكل الشركات الخاصة %80 من الوظائف، و%60 من النمو الاقتصادى وحوالى نصف الإيرادات الضريبية فى الصين، كما أنها نجحت فى تحقيق ذلك بمستويات دين أقل بكثير من الشركات المملوكة للحكومة.
ومنذ مايو 2018، خفض البنك المركزى الصينى مراراً الاحتياطيات الإلزامية للبنوك التجارية لتحرير السيولة، ثم حث البنوك على توجيه الإقراض إلى الشركات الخاصة، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها.
وفى الوقت نفسه، طالبت السلطات البنوك بخفض المخاطر التى تعنى فى اقتصاد متباطئ ممارسات إقراض أكثر تحفظاً وموجهة للسوق، وتعتبر البنوك الصينية الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر فئة خطرة من المقترضين فى الاقتصاد، فعلى عكس الشركات الحكومية، هى ليست مدعومة من الحكومة وليس لديها الكثير من الأصول التى يمكن استخدامها كضمان.
ووجدت البنوك طريقة لموازنة هذه المطالب المتضاربة من خلال استخدام على نطاق واسع لنوع مخصوص جداً من الإقراض وهو سندات الدفع المؤجلة أو ما يعرف فى التجارة الدولية بالقبولات المصرفية والتى تعتبر مصدراً للتمويل قصير الأجل بدلاً من الائتمان وتقبل فيها المصارف الإسناد نيابة عن عملائها وتتراوح مدة هذه القبولات من 30 إلى 180 يوماً.
ورغم أن القبولات المصرفية توجد فى جميع دول العالم، فإنها تلعب دوراً كبيراً فى النظام المالى الصينى، وعندما تشترى شركة شيئاً من مورد، يمكنها الدفع بواسطة قبول مصرفى يصدره البنك نيابة عن المشترى، وعندما يحين أجل القبول فى وقت متفق عليه فى المستقبل، يبدله المورد بنقدية من البنك ثم يحصله البنك من الشركة التى أصدر نيابة عنها هذا القبول.
وفى بعض الأوقات تحتاج الشركات الموردة التى يدفع لها من خلال قبول مصرفى أموالاً قبل موعد استحقاقه، فتذهب إلى بنك آخر وتبيع له القبول المصرفى مقابل نقدية مخصوماً منها عمولة، وتصل قيمة الخصم حوالى %3.6 بمعنى أنه إذا كانت الشركة ستصرف القبول بعد 6 أشهر بـ100 يوان، يمكنها الحصول على 98.2 يوان اليوم إذا باعته لبنك آخر.
وخلال العام الماضى، كان النمو فى الإقراض المصرفى للشركات غير المالية مدفوعاً أساساً بالقبولات المصرفية المخصمة، وفى نهاية أبريل 2019، بلغت قيمة هذه الخصومات 2.92 تريليون يوان «425 مليار دولار» وأعلى بنسبة %76 من العام الذى يسبقه، وفى الوقت نفسه، انخفضت القروض متوسطة وطويلة الأجل بنسبة %6 خلال الفترة نفسها إلى 5.53 تريليو يوان، أما القروض قصيرة الأجل التى تشكل %4 فقط من القروض الجديدة فانخفضت بنسبة %67.
وبالنسبة للبنوك يبدو التخصيم حلاً سهلاً لمعضلتها السياسية، ومعظم الشركات التى تستخدم القبولات المصرفية صغيرة وخاصة النوع الذى تتطلع الحكومة لدعمه، وفى الوقت نفسه يعد التخصيم أأمن نوع من قروض الشركات، فعندما تأخذ الشركة أموالها تقع الخطورة الأكبر على البنك الذى أصدر القبول المصرفى.
وفى الواقع، تعد القبولات المصرفية المخصمة نوعاً من القروض بين البنوك، ونتيجة ذلك فإن رأسمال المخاطر الذى يجب أن تجنبه البنوك ضدها أقل بكثير مما ينبغى عليها تجنيبه للقروض لشركات عادية.
وما لا تفعله القبولات للأسف هو أنها لا توسع النشاط الاقتصادى، والقاعدة أن الشركات لا تحب التخصيم من قبولاتها، والعديد من الشركات الصينية تحقق أرباحاً هشة والتخصيم يأكل أكثر أرباحهم، وبالتالى لا يلجأ للتخصيم سوى الشركات التى فى حاجة شديدة للنقدية لدفع الأجور والمكافآت أو الضرائب أو مساهمات الضمان الاجتماعى أو المرافق أو الفائدة على الديون.
ورغم أن القبولات طريقة مفيدة لحصول الشركات التى تكافح للبقاء على قيد الحياة على نقدية، فإنها لا تقدم الاستثمار الرأسمالى المطلوب أو رأس المال العامل المطلوب لتحفيز النمو، ولذلك يتعين على البنوك تمديد القروض الحقيقية والأكثر خطورة بكثير إلى الشركات، ولكنها لا تزال كارهة ذلك.
ودعم البنك المركزى التخصيم باعتباره حلاً لمشكلات القطاع الخاص، بينما بعض أجزاء الحكومة لا تزال غير مقتنعة، وفى نهاية يونيو، قال مسئول فى مكتب التدقيق الوطنى، إن بيئة التمويل للشركات الصغيرة «لم تتحسن بشكل جوهرى»، وحتى الآن، كان صناع السياسة والمصرفيون الصينيون قادرين على إقناع أنفسهم بأنهم يستطيعون جعل النظام المالى للدولة أكثر أماناً، ويحفزون النمو فى الوقت نفسه، ولكن ربما يتعين عليهم قريباً اختيار أحد الخيارين.
بقلم: دينى ماكماهون
زميل في ماكروبولو مركز الأبحاث الخاص بمعهد بولسون

مصدر الخبر : https://ift.tt/2Y5ouhz


محمد شوبك
google-playkhamsatmostaqltradent