تبدأ لمياء بنشقرون عملها في حافلة سياحية من طابقين بمدينة مراكش، وهي تراقب معدات مقصورة القيادة بحزم ظاهر، كما تلقي أول نظرة على المرآة.
وبينما يصعد الزبائن الأوائل للحافلة، يشرق وجهها بابتسامة وتستقبلهم بعبارات الترحاب، في صباح جميل من أيام يناير.
تقول لمياء وهي تعدل جلستها قبل أن تنطلق في أولى رحلاتها عبر المآثر التاريخية للمدينة- “لا ينكر أحد أن مهنة قيادة الحافلات صعبة حتى على الرجال، لكنني اخترتها عن قناعة وأمارسها بشغف”.
أول سيدة تختار قيادة الحافلات
تعد لمياء بنشقرون أول سيدة تختار مهنة قيادة الحافلات داخل مدينة مراكش. تدرجت في العمل خلال خمس سنوات بين خطوط النقل الحضري لمدة قصيرة، ثم خط وسط المدينة-المطار الدولي، قبل أن يستقر عملها في النقل السياحي.
يقول فيليبي سانتا مارتا برييتو المدير الأول لشركة حافلات النقل بمدينة مراكش إن عدد السائقين في المدينة في جميع أنواع النقل بالحافلات يصل إلى أكثر من خمسمئة سائق، ليس بينهم سوى عدد قليل من النساء.
ويضيف “أما في النقل السياحي فتوجد سيدتان، بينهما لمياء إلى جانب أربعة رجال، في حين نسعى لتشجيع فتيات أخريات على مزاولة المهنة”.
بداية الحكاية
في كل محطة تتوقف الحافلة، تتزايد حركات السياح بين صاعد يسلم على لمياء بود، ونازل يشكرها باحترام، في حين تنطلق هي من جديد وهي تقود بسلاسة واضحة.
تحكي هذه السيدة-التي ترعرعت في وسط شعبي بالمدينة القديمة- أن رؤيتها سيدة وهي تقود حافلة ألهمها وأثار إعجابها قبل أن تقرر خوض المغامرة ذاتها بمراكش.
وتضيف أنها بعد حصولها على رخصة القيادة، توجهت إلى المحطة الطرقية، حيث توجد حافلات النقل بين المدن، لكن لا أحد أراد تشغيلها لكونها امرأة.
إصرارها جعلها تدق الباب تلو الآخر، متسلحة بعزيمتها ورغبتها في التعلم السريع لمهنة هي حكر على الرجال.
أول يوم عمل
بينما تلوح في الأفق صومعة مسجد الكتبية الشاهقة برمزيتها التاريخية، تبدأ لمياء تقديم شروح للسائحين حول هذا المعلم الأثري الجميل.
ويقول فيليب إن لمياء ومثيلاتها يعملن بتفان من أجل إعطاء قيمة جديدة لخدمة النقل في المدينة. مؤكدا أنها “بعملها المتقن وبلمستها الإنسانية، تقدم النموذج الجاد، مع صورة جميلة لمدينة سياحية يزورها مئات الآلاف كل شهر.
وتذكر لمياء أول يوم عمل لها على متن الحافلة الحضرية، حيث كانت تشعر بفرح غامر يقابله استغراب واضح ممزوج بإعجاب وتشجيع من قبل الركاب.
ابتسامة واحترام
تتابع لمياء مسيرتها وعلامات الجد بادية عليها وهي ترقب حركة السير، وتسمح للراجلين بالمرور وتشير بود لصديقتها في حافلة قادمة من الاتجاه المعاكس.
تميزها ابتسامتها طوال يوم العمل، وتحظى باحترام كبير من قبل زملائها الذين يقدمون لها الكثير من العون والإرشاد في عمل متعب.
يساعدها على ذلك طلاقتها في الكلام ومزاجها المرح كطبع أهل المدينة الحمراء، كما تلاحظ زميلتها في العمل زهيرة صوفي.
تشبهها بسائق الحافلة المغربي الذي اختير أحسن سائق للحافلات في لندن، بما يميزه من دماثة الخلق وحسن التعامل مع الركاب.
بين السياقة والتدريب
في ركن قصي من مرآب النقل الحضري، تعمل زهيرة على تدريب عدد من السائقين الشبان وتساعدهم على ولوج مهنة تتطلب الكثير من المثابرة والجلد والتركيز.
وتضيف “كانت لمياء قدوتي في العمل، كنت أعمل صباحا وتعمل مساء، لكنها اختارت عن حب وشغف أن تبقى صديقة المقود، واخترت أنا مسارا مهنيا متدرجا نحو مهمة مدرب سياقة”.
وتقول لمياء إن لكل مهنة صعوبة ومتاعب، لكن “ما أن أضع رجلي الأولى في الحافلة بداية كل صباح حتى أنسى “همومي اليومية”، وأدخل “عالما جديدا” بكل جماله، وبكل تحدياته.
جبة السائق وجلباب الأم
بعد يوم عمل طويل، تسرع لمياء نحو منزلها لملاقاة ابنتها الوحيدة ذات الثلاث سنوات، تخلع جبة السائق لتلبس من جديد جلباب الأم الحنون في جو أسري حميمي.
وتضيف “نفترق صباحا أمام مدرستها لنلتقي من جديد بعد الدوام، نحكي عن يومنا، عن طموحنا وأحلامنا في أحاديث “نسائية” خاصة ومميزة.
تقول لمياء إنها مرتاحة في عملها الذي يترك لها المجال للعناية بطفلتها، وتنصح فتيات أخريات بالإقدام على هذه المهنة المتعبة والممتعة في الوقت نفسه.
The post أول سيدة مغربية تقود حافلة نقل سياحي.. قصة شغف وتحدٍ appeared first on مجلة سيدات الأعمال.
للمزيد من التفاصيل اضغط هنا : http://bit.ly/2NFevZW