الصبي والقطار
قصة قصيرة بقلم د ميسون حنا / الأردن
غادر القطار المحطة ، وقف الصبي يرقبه متباعدا ، وكانت هذه عادته
كل يوم مما لفت انتباه عامل المحطة الذي سأل الصبي عن لهفته وحبه للقطار . قال
الصبي : القطار يعجبني ولكني لم أعد أحلم أن أسافر على متنه ، تعجب عامل المحطة من
جوابه. أما الصبي ، فقال معللا لآنني أسرع منه . ضحك عامل المحطة لرعونة الصبي
الذي استرسل قائلا : لا تستغرب ، أنا أعني ما أقول ... أنا أسرع منه . تساءل عامل
المحطة ، كيف ؟ قال الصبي : وأنت أسرع منه كذلك ، ولكنك تنسى . قال عامل المحطة :
تحدث عن نفسك ، أما أنا فأقر بهزيمتي أمام القطار . قال الصبي : أنت غبي ، نظر
إليه عامل المحطة لائما . قال الصغير : أنظر إلى ذلك المنعطف ، هل تراه ؟ أجاب
عامل المحطة : نعم ، وماذا في ذلك ؟ قال الصبي : إن نظرك يصل إليه بلمحة ، أما
القطار الذي لا يملك عينين فإنه يتلمس طريقه ولا يستشعر المنعطف ما لم يصله بجسده
، لذا نحن أسرع منه . قال عامل المحطة : ولكن القطار يتجاوز ذلك المنعطف ويختفي عن
أنظارك ، ويواصل دربه إلى ما لا تصله نظراتك يا صغيري ، قطّب الصبي مهموما إذ أن
هذه الفكرة لم تراوده فيما مضى . قال عامل المحطة ليخفف عنه كربه ، لكنك ذكي أيها
الصبي بتلميحاتك وملاحظاتك ، ابتسم الصبي ابتسامة واهية لأنه كان في قرارة نفسه
مدركا أن عامل المحطة كشف له ما كان خافيا عليه ، وأدرك الصغير أن عليه أن يملك
نظرا يتجاوز الجدار أمامه ، ولكن كيف؟ مضى الصبي يجرجر خطاه وهمّ ثقيل جاثم على
صدره .