وكأن ثمة حملة مبرمجة ضد الجيش اللبناني وهذه المرة من بوابة الحرس الجمهوري المكلّف بحماية الأمن الشخصي لرئيس الجمهورية.
ففي الأمس القريب تم تناول الحرس الجمهوري وقائده السابق العميد سليم فغالي بخبر "تشكيله على خلفية صفقة مزعومة في أسلحة ومعدّات القمة العربية الاقتصادية التنموية. فزُعم أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمر قيادة الجيش اجراء تشكيلات من ضباط لواء الحرس الجمهوري بسبب شراء معدات تستخدم لأغراض أمنية بمبلغ قُدّر بأكثر من خمسة ملايين دولار، ما اعتبره الرئيس هدراً" بحسب الرواية المتناقَلة.
أما اليوم فقد طاولت الجيش اللبناني والحرس الجمهوري إشاعة جديدة، مفادها أن سويسرا قررت وقف تسليم معدات عسكرية للبنان طالما لن تتمكن من مراقبة وجهتها بعد فقدان 31 قطعة سلاح سلّمت لحماية الشخصيات والحرس الجمهوري.
فيما حقيقة الموضوع تشرحها السفيرة السويسرية في لبنان ومصادر أمنية رفيعة ل Tayyar.org. ففي حديث خاص معها، أكدت الأخيرة أن الحرس الجمهوري لطالما شكل بالنسبة لسويسرا مثالا يحتذى به وأن القرار بوقف إرسال السلاح إلى لبنان لا علاقة له لا بالجيش اللبناني ولا بالحرس الجمهوري وإنما بوزير سابق اشترى أربعين قطعة سلاح هي عبارة عن رشاشات و مسدسات بعد التعهد باستخدامها لحمايته الشخصية. لكن عندما حضرت بعثة تابعة لأمانة الدولة لشؤون الاقتصاد السويسرية للكشف المتأخر الذي عادة ما يتم ّبعد بيع السلاح، تبيّن أن ثمة 31 قطعة مفقودة. وقد علم tayyar.org أن الوزير السابق المذكور هو عضو كتلة التنمية والتحرير النائب غازي زعيتر علماً أن الدولة السويسرية تمنح استثناءات لشخصيات لشراء أسلحة لأمنها الشخصي.
في المقابل يشير مصدر أمني رفيع ل tayyar.org أن مؤسسة الجيش اللبناني لم تشتري يوماً سلاحاً من سويسرا ولم تستلم أي هبة أسلحة منها وإنما سلاحها بشكل أساسي هو أميركي الصنع وبجزءٍ ضئيل منه روسي. فيما يحق للحرس الجمهوري شراء أسلحة فردية لحماية الرئيس الشخصية. وفي هذا الإطار يؤكد المصدر أن البعثة السويسرية كانت ممتنّة لنتيجتي التدقيق اللتين حصلتا في ال 2013 وال 2015 بما فيهما تلك المتعلّقة بسلاح الحرس الجمهوري. وبالتالي فان الإجراء المتّخذ لا علاقة له بالمؤسسة العسكرية ككلّ وإنما هو نتيجةً لتدقيق تمّ في اَذار ال 2018. وتضيف المصادر عينها أن التقارير الدولية تسجّل للجيش اللبناني أمانته في استخدام السلاح الذي لم تُفقد منه قطعة يوماً وهو ما أثبتته الشهادة الأخيرة لقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي جوزيف فوتيل أمام الكونغرس حول الثقة بالجيش وبوجهة استخدامه للسلاح.
هذا من جهة، أما فيما خص تشكيل العميد سليم فغالي وبعيداً عن كل التأويلات، تروي مصادر أمنية ل tayyar.org الرواية الكاملة التي تتكامل مع رد وزير الدفاع الياس بو صعب على الخبر المتداول منذ يومين حول التشكيلات في الحرس الجمهوري وشراء معدّات أمنية.
فبحسب المصادر، نقلُ العميد فغالي متعلّق بسببين: أولهما هو توجّه قيادة الجيش منذ فترة لاعتماد سياسة إعادة هيكلة هرميّتها. وعلى هذا الأساس اتُخذ القرار بتسليم دفعة ضباط خريجي دورة ال 1994، الألوية والوحدات في مختلف ألوية الجيش وأفواجه، مكان خريجي دورتي ال1985 و 1986 وذلك في إطار نهج التجديد والتطوير المعتمد داخل المؤسسة نفسها. بحسب المصادر عينها، اتُّخذ القرار المذكور قبل انعقاد القمة العربية لكن تنفيذه تأخّر بسبب تسليم العميد فغالي رئاسة الهيكلية الأمنية للقمة.
أما السبب الثاني فهو أن مع تولي الوزير الياس بو صعب وزارة الدفاع قرر تشكيل فريق عمله داخل الغرفة العسكرية، التي يتم اختيار ضباطها من ضمن مجموعة ذات خبرة و يحظون بثقة وزير الدفاع بالاتفاق مع قائد الجيش، كون هذه الغرفة تشكل الإرتباط بين وزارة الدفاع وقيادة الجيش. وعلى هذا الأساس تم تعيين العميد فغالي قائداً للغرفة وهو بمثابة مدير مكتب وزير الدفاع ويوازي بمنصبه مديراً عاماً في مؤسسات الدولة، فيما تسلّم مكانه بالوكالة العميد جورج لبجيان من دورة ال 1986 لاعتبارات إدارية خاصة بالمؤسسة إلى حين تعيين أصيل بناء لسياسة قيادة الجيش. وهنا تسأل المصادر: لو كان العميد فغالي قد أخفق لما كان وُضع بالتصرّف عوضاًعن نقلِه؟
في السياق عينه لكن المتعلّق بشراء المعدّات الأمنية الخاصة بالقمة، توضح المصادر الأمنية ل tayyar.org أن الحرس الجمهوري تسلّم 400 مسدّس وجهازين أحدهما Anti drone (جهاز مضاد لكاميرات التصوير القادرة على تنفيذ اغتيالات) كلفة كلّ منهما مليون دولار أميركي و (Jamming system) أي نظام تشويش يقارب سعره المليون و ال 200 ألف دولار أميركي. وقد تم تسليم المعدات الأمنية والعسكرية الضرورية لأمن القمّة للحرس الجمهوري بموجب محاضر وقّعت عليها لجان ممثّلة للوزارات المعنيّة، تشكّلت لأول مرة. كما تفيد معلومات خاصة ب tayyar.org بأن هذه الأعتدة والأسلحة قد سُجّلت في قيود الجيش اللبناني.
لا يقتصر تأكيد المصدر الأمني ل tayyar.org على شفافية عملية الشراء بل على توفير اللجنة المنظمة لملايين الدولارات على خزينة الدولة. فقد تكفّلت شركة "سامسونع" بإعارة المعدّات التقنية اللازمة كالشاشات وغيرها مؤقتاً إلى حين انتهاء أعمال القمة. في حين تطوّعت رقيب انثى في الجيش اللبناني مجاناً ببرمجة غرفة عمليات متكاملة (كلفتها الفعلية حوالى المليون دولار أميركي) عاينها قائد الجيش العماد جوزاف عون. وعملت الغرفة على متابعة حركة الوفود الرسمية منذ لحظة وصولهم إلى مطار بيروت حتى لحظة مغادرتهم له. فالخطر الإرهابي موجود وحماية الوفود الرسمية الزائرة واجب على الدولة وفقاً للمصادر.
إزاء هذه المعطيات الدامغة، ألم يحن الوقت لترك الشؤون الداخلية الخاصة بالمؤسسة العسكرية للقيمين عليها عوضاً عن محاولة تشويه سمعتها وإلهائها بالصغائر؟ فيما هي تثبت يوماً بعد يوم وبشهادة المجتمع الدولي جدارتها وكفاءتها برتبائها وضباطها، وتتطلّع إلى مزيد من الإنجازات حفاظاً على سيادة لبنان واستقراره.