recent
أخبار ساخنة

قوة العهد ومنعته حاجة داخلية وخارجية (حبيب البستاني)

الصفحة الرئيسية


اللعب على حافة الهاوية واستمرار رهانات البعض على حتمية انعكاس تغيرات الإقليم على التوازنات اللبنانية الداخلية الهشة والتمني بأن تنقلب الأمور إلى مصلحة هذا الفريق أو ذاك، هو أحد الأسباب الذي أطال أمد التأليف لا بل ساهم في عرقلته ووضع العصي أمام الرئيس المكلف وجمد حركته ووضعه ضمن خطين أو حدين لا يمكنه القفز فوقهما أو تجاوزهما، فهو من جهة لا يستطيع أن يقدم وليس بمقدوره أن يحجم. إذ إن الخيار الأول لا يمكن أن يمشي به بدون دعم من كافة الأفرقاء المحليين وغير ذلك سيضعه حكماً في عين العاصفة، ومن جهة أخرى فإن الخيار الثاني دونه محاذير أقلها أنه سيجرده من كل أوراقه دفعة واحدة وسيضعه أمام حتمية الخسارة وعلى كل المستويات، الشخصية والسياسية والإقليمية، وذلك بغض النظر عن إعادة تكليفه أم لا. إذ إنه عندها وفي حال استمرار البعض على مواقفه المعلنة سيضع البلد ليس فقط أمام مشكلة سياسية تتعلق بتأليف حكومة، بل سيضعه أمام مشكلة نظام لا يريد أحد أن تحصل لأن أوراق الحل ليست جاهزة لهكذا تغيير لا بد وأن يطال ليس فقط الدستور وأطر الممارسات الدستورية، إنما ستضع البلد حتماً أمان مؤتمر تأسيسي جديد أين منه اتفاق الطائف. من هنا فإن الرئيس المكلف هو أحد أكبر المستهدفين من هذه العرقلة.

 

المستهدف الآخر من إطالة أمد التأليف هو العهد
في الوقت الذي يريد اكثر من طرف سياسي داخلي على الأقل أن يحجم العهد ويلوي ذراعه، وذلك لأغراض أقلها داخلية فإن هذه الأطراف لا تعلن ذلك صراحة، ولكنها عملت أو تعمل على فرملة انطلاقة العهد وهو ما بات ظاهراً وهو لا يحتاج لا لبرهان ولا لتبيان، بدءاً من كل المشاكل وكل الأطراف التي تناوبت على العرقلة فلا يستكين فريق إلا ليظهر آخر ولا تحل عقدة إلا لتظهر أو يستولد غيرها. وهكذا من عقدة تمثيل القوات إلى العقدة الدرزية، ناهيك عن ضرورة إنصاف الثنائي الشيعي بإبقاء وزارة الأشغال للمردة وكلها عقد مع الصعوبة التي بدت عليها قد استطاع العهد و"عدته" الجاهزة للتدخل من حلها كلها، وفي حساب بسيط نرى أن كل واحدة من هذه العقد قد استهلكت شهران من المفاوضات والمماحكة، إلى أن وصل المطاف إلى عقدة تمثيل النواب السنة الستة المستقلين، وهنا اسمحوا لنا أن نشدد على العدد الذي لا يبين على الحجم بقدر ما يبين عن القوة المفرطة الداعمة، حتى كدنا أن نشعل البلد سيما بعد أحداث الجاهلية وما سبقها وما تبعها، كل ذلك فقط لإرضاء هذه المجموعة وهم يريدوننا أن نصدق ذلك وأن لا نسمع ما نسمعه أو لا نرى ما نراه. كل ذلك يشير وبصورة لا تحتمل التأويل أن هنالك قطبة ما مخفية، تطل برأسها عند الحاجة.

 

الجميع يريد الحل والجميع له مصلحة في الحل
بالرغم من الصعوبات والمشاكل والعقد، التي يرى البعض امتداداتها إلى الإقليم وإلى ما بعد بعد حيفا، فيربط تشكيل الحكومة بدعوة سوريا إلى القمة الإقتصادية المزمع عقدها في لبنان، أو لإعادة تموضع القوى السياسية والإقليمية بعد الانسحاب الأميركي وإعادة تشكيل الخارطة السورية والعسكرية في بلاد الشام، إلى ما ستؤول إليه المفاوضات أو المواجهات الإيرانية السورية التركية، فيصبح لزاماً على كل طرف أن يمسك بأوراق خارج الحدود السورية مما سيعيد لبنان لا سمح الله إلى أن يكون ما يسمى بالسياسة " فرق عملة ". فهل فعلاً يريد بعض الأفرقاء اللبنانيين هذا المستقبل القاتم لبلدهم؟


يرى أكثر من مراقب ومن محلل سياسي أن مصلحة الجميع هو في قيام دولة قوية منيعة في لبنان، وأنه من مصلحة الجميع أن ينجح العهد القوي وأن يكون للبنان رئيس جمهورية قوي ورئيس حكومة قوي. فلحزب الله وبغض النظر عما يظهر في النصف الفارغ من الكوب، له مصلحة ويريد دولة قوية تستطيع الدفاع عن مواطنيها وعن مكتسباته في آن معاً، ويخطىء من يظن أن أي دويلة طائفية تحت أي شعار أنشئت ستتمكن من العيش، وهنا لنتذكر ثورة المليون شهيد الجزائرية التي لولا الإلتزام المسيحي فيها لم تكن لتنجح، كذلك فإن المقاومة التي تناضل من أجل فلسطين دولة لا دينية بل متعددة الأديان على شاكلة لبنان، لا يمكنها أن تعمل للقضاء على لبنان الأنموذج الوحيد في الشرق لتعدد الأديان والحضارات.
كذلك فإن سوريا بحاجة للبنان قوي وعهد قوي لكي يقوم بدوره في طرح القضايا العربية المحقة ومنها على سبيل المثال لا الحصر طرح موضوع إعادة سوريا إلى الجامعة العربية.

 

الحكومة لا بد آتية
الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحاجة ماسة إلى لبنان القوي البلد الصغر في المجموعة العربية الذي يحمل ويدافع عن القضية العربية الأولى قضية فلسطين أمام المحافل الدولية.الحكومة لا بد آتية،


من هنا فإن الحكومة لا بد وأن تتشكل ليس فقط لضرورات داخلية وحاجة اقتصادية بل لأن لبنان الوطن والدولة بات أكثر من ضروري وحيوي لضمان أمن وسلامة واستقرار المنطقة، ناهيك طبعاً بالعوامل الخارجية الضاغطة بسبب وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية والذي يجب الإبقاء عليهم ورعايتهم أقله لحين تحقيق العودة الآمنة والشاملة.


أما عن سيناريوهات التأليف فكلها جيدة وتستطيع أن تنجح في حال توفرت النوايا الحسنة، فالقصة ليست عقدة تقنية بوزير من هنا أو منصب من هناك بل إنها تتعلق بإرادة التأليف وضرورته، وإننا لمتاكدون أن الجميع وبدون استثناء بات مؤمناً به وبحتميته، كحل وحيد يعيد لبنان إلى لعب دوره ويعيد العجلة الإقتصادية ولا سيما التوازنات السياسية وتجسيد الديمقراطية فيه.



http://bit.ly/2F62M3X


google-playkhamsatmostaqltradent