هو التاريخ السياسي الحديث يعيد نفسه في لبنان عند كلّ معركة استرداد للحقوق. والمكتوب على فخامة العماد وتيّاره أن يكونوا دومًا روّادًا في عملية النضال منذ فترة التحرير، وصولاً إلى ما نحن عليه، من معركة تحرّر للنفوس من التبعيّة والوصاية، كي تشعر هذه النفوس لمرّة واحدة بأنّها حرّة وقادرة على اتّخاذ قرارٍ وطنيّ دون الرجوع إلى الوصيّ الذي كان حاكمًا بأمرهم.
- وما نسينا عند كلّ محطّة كيف كان فخامة العماد يتحمّل وزر تخاذل هؤلاء، وتسليمهم أمر الوطن للوصاية، ويطالب بحقّ مسلوب، بدءًا من مقاعد نيابيّة كانت توزّع كفضلات على المسيحيين، فحرّرها، ليستفيد منها الآخرون قبل تياره.
- وما نسينا عناد فخامة الجنرال لتسمية وزراء التيار أسوة بباقي القوى السياسيّة التي كانت تضع يدها على البلاد. يومها ولتعمية الرأي العام اللبناني عامة والمسيحي خاصة، أطلقوا مقولة "من أجل توزير صهره جبران" وما كان ليردّ على تفاهاتهم، والمؤسّف أنّ اوّل المنتقدين كانوا هم المستفيدين، حين نجح في تحرير الحقائب الوزارية من سالبيها.
- وما نسينا يوم أصرّ على حقّه في الرئاسة أمانةً للوكالة الشعبيّة التي أوكله أيّاها شعب لبنان العظيم،بعد أن تنازل عنها وفرّطوا بها. يومها أطلقوا مقولة" أنا أو لا أحد" وبالطبع سيكون أوّل المستفيدين مُستقبلاً من أطلقوا ذاك الشعار.
- وما نسينا يوم خاض فخامة العماد معركة قانون النسبيّة، كم تحمّل من تجريح، وتكاذب وإشاعات، يومها أطلقوا مقولة " كي يصبح الصهر نائبًا" وللأسف مجدّدا كان أوّل المستفيدين من النسبيّة، أولائك الغوغائيين.
وها نحن اليوم نشهد عملية التعمية والتكاذب مجدّدًا، مع اختلاف بسيط أنّها المعركة الأخيرة التي يقودها فخامة العماد ضدّ منظومة الفساد التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه. فهذه الحملة الشعواء التي يقودها أطراف ما عرفنا منهم إلاّ العجز والتقصير، ما لم نقل أكثر، ليست بريئة، وليست مُستغربة، في الوقت عينه. فالقضيّة ليست قضيّة وزير بالزائد أو بالناقص، وعبارة "الصهر يعرقل " ليست جديدة علينا. فقد خبرناها سابقًا، وما بدّلنا تبديلا، وفخامة العماد ليس بالشخصية التي تتأثّر بالإشاعات الزائفة، والحملات الشعواء، بل هو إنسان رؤيويّ، لديه تصميم على بناء الدولة وإصرار على إنهاء منظومة الفساد المُتحكّمة بالبلاد. ولأنّهم يدركون في قرارة نفسهم أنّ فخامته لا يستسلم حتّى تحقيق أهدافه الوطنيّة، نراهم يرفعون من وتيرة حملتهم يومًا بعد يوم. ولأنّها المعركة الأخير التي ستفصل بين الحقّ والباطل، بين الحقيقة الساطعة، وزيف الكذب والخداع، نشهد ما نشهده من حرب شعواء على العهد، وعلى جبران باسيل. فالحكومة التي ستولد عاجلاً أم آجلاً، ستكون حكومة العهد الأولى، ولن تكون على حساب مشروع فخامته الإصلاحيّ، وسينتصر الحقّ على الباطل، فنحن ما تعوّدنا على فخامته سوى الخيارات الوطنيّة الصحيحة.
لذا ما علينا سوى أن نثق به في هذه المرحلة الحسّاسة التي تشهد الفصول الأخيرة من مسرحية نزاع منظومة الفساد، وما هذه الأصوات النشاذ التي تحاول أن تُعمينا عن جوهر الصراع وحقيقته، سوى حشرجات ستختفي مع بزوغ فجر الولادة بعد النزاع. فعهد فخامته لا يُقاس بالأيام والأشهر والسنين، بل بالقرارات التي لايجرؤ أحد غيره عا اتّخاذها. وسيكون أوّل المُستفيدين من يُطلقون السهام اليوم. وسنكون كعادتنا أوّل المُرحّبين.
ولكننا ما نسينا سابقا... لن ننسى لاحقا.
http://bit.ly/2H1Io5J