recent
أخبار ساخنة

هل تعوّض الإحتفالات بالذكرى معرفة حقيقة إغتيال اللواء الشهيد فرانسوا الحاج ؟

الصفحة الرئيسية


شارل ابي نادر-

تتكرر الذكرى كل عام ، وتقيم الدولة وقيادة الجيش احتفالاً بالمناسبة السنوية للاستشهاد ، مستذكرة اللواء الشهيد ومآثره القيادية والشخصية ، وما قدمه للمؤسسة العسكرية في كافة المهمات والوظائف التي كُلِف بها ، واهمها دوره في إدارة عمليات قيادة الجيش خلال معركة مخيم نهر البارد ضد المجموعات الارهابية .


ما يميز المناسبة هذا العام ، انها تواكبت مع فيلم وثائقي نشرته احدى وسائل الاعلام برعاية مديرية التوجيه في الجيش ، يتضمن ملخص عن معركة مخيم نهرالبارد بصوت اللواء الشهيد فرانسوا الحاج ، حيث يتطرق في الفيلم لمسار المعركة كاملة ، ابتداءً من ما سبقها من وقائع اوصلت اليها ، ومروراً بمسارها وطريقة تنفيذ مناورتها ، مع عرض حيثياتها وصعوباتها ونتائجها ، مع تقديم ملخص مركّزعن اهداف ارهابيي فتح الاسلام وطريقة قتالهم وخصائص قدراتهم القتالية والارهابية .


لقد اظهر اللواء الشهيد في هذا الفيلم القصير من خلال تحليلاته لمعطيات المعركة ، بعضاً من قدراته الغنية ، لناحية الثقافة العسكرية والقدرة القيادية والقتالية والخبرة والتجربة الميدانية ، حيث ظهرمن طريقة إدارته لعمليات معركة نهر البارد ، ومن طريقة ومستوى فهمه لِاُسس المناورة التي يقاتل فيها الارهابيون ، والتي إكتُشِفت لاحقاً (بعد اكثر من خمسة أعوام ) في اغلب معارك هؤلاء في الدول المحيطة ،انه الرجل الانسب لقيادة الجيش في الفترة الاصعب والاكثر حراجة ، والتي كانت تنتظر دول المنطقة ولبنان والجيش .


لقد اثبت هذا الفيلم الوثائقي ، وبما لا يقبل الشك ابدا ، ان قدرات اللواء الشهيد هي السبب الرئيس في اغتياله ، لانه كان من غير المسموح ان يقود الجيش اللبناني في المرحلة الاكثر حساسية من المعركة ضد الارهاب في المنطقة قائدٌ مثله ، فالمطلوب قائد أضعف واقلّ تماسكا وخبرة ، إذا لم نقل غير ذلك ، لِأن اللواء فرانسوا الحاج حتماً ، كان سيقف عثرة قوية وصلبة في وجه ما هو مخطط للبنان وللجيش ، ، وهو لم يكن ليقبل بان تتعرض دورياته في الجرود او في غير مكان للاعتداء وللتنكيل دون ردٍ حاسم ، وهو لم يكن ليقبل بان يُخطف جنوده ويقتلون غدراً ، وطبعا بوجوده لم يكن ذلك ليحدث ، وهو ايضاً لم يكن ليقبل بان يتفرج الجيش على تمدد وإنتشار الارهاب في الجرود ، وهو " قانعٌ خانعٌ " يُطبق قرار السلطة السياسية " الهشة " آنذاك بالنأي بالنفس .


اليوم ، وبعد ان تأقلم الجميع على ضياع الجريمة وفرارالمجرمين دون عقاب ، وبعد ان بدت العدالة أعجز من ان تفرض نفسها وتنتقم للحق وللقانون بالحق والقانون ، يحتفل الجميع ككل عام بمناسبة الاستشهاد ، وتتوزع الاطراف المعنية وغير المعنية بالمناسبة على مجموعات مختلفة الاهداف والمرامي والغايات ، منهم الكثيرمن الصادقين الاوفياء ، يرون في الذكرى مناسبة وجدانية للتعبيرعن وفائهم وتقديرهم للواء الشهيد ، فيحتفلون مع عائلة ومحبي الشهيد بالذكرى والدمعة الصادقة في عينيهم ، متحسرين على ما خسره الجيش والوطن باستشهاده .


و منهم من يدمج بعضاً من مصالحه الشخصية - السياسية والحزبية - وحب الظهورالاعلامي والمهني ، مع حدٍ أدنى من محبةٍ ووفاءٍ للشهيد ، فيظهر وفياً بالكامل - وهو ليس هكذا - فيختلط بالصادقين وتضيع النظرة الصحيحة عنه ويصعب تمييزه ، فينال كامل الثناء والشكر والتقدير .


ومنهم من يشارك رفع عتب ، وهو في قرارة نفسه قد نسي الشهيد وربما نسي اين وكيف استشهد ، اذ ان مشاغله وتجاراته ومعارفه ومغامراته أبعدته عن كل تلك التفاصيل ، فتراه يتنقل مزهوا مختالا بين الحضور ، يوزع ابتساماته وهمساته ، يستغلها مناسبة للظهور ولطرح مشاريعه واقتراحاته والحديث عن عنترياته .


ومنهم سيكون حاضراً طبعا ، وهو يتحمل المسؤولية عن الاغتيال ربما اكثر من القتلة ، لانه كان المعني الاول والمسؤول الاساس بمتابعة تفاصيل الجريمة و معرفة المجرمين القتلة ، وفشل بذلك ، اماّ طمعاً بمركزٍ او بثباتٍ في مركزٍ حينها ، او عجزاً حيث انه غير أهلٍ كما كان دائماً ، او خوفا حيث ان تاريخه مغطّس بالجبانة وبالخساسة ، وهذا النوع سيكون الاكثر زهوا وتختلا كالطاووس ، وصوته سيكون الاعلى وابتسامته ستكون الاعرض ، وهو بالرغم من نظرات الريبة والحقد له من الكثيرين ، وبالرغم من ما سيتعرض له من ... سيقول ان السماء تُمطِر .


وستنتهي المناسبة كما غيرها ، ويعود كلُ الى موقعه ووظيفته وعمله ، وستبقى هذه الاحتفالات مهما نجحت وعلا صراخ حاضريها ومحاضريها ، بعيدة عن وفاء الشهيد حقه ، وهي بالتأكيد لن تعوّض الحاجةَ والضرورة لمعرفة القتلة ، ولن تعوّض الغصةَ التي لن يلغيها ، الاّ اكتشاف تفاصيل الجريمة وهوية المجرمين ، منفذين ومخططين ومحرضين ، وسوقهم للعدالة .

عميد متقاعد في الجيش اللبناني

 



http://bit.ly/2UNI659


google-playkhamsatmostaqltradent