recent
أخبار ساخنة

خاص: في اي حالة "سيطير" لبنان والدول العربية؟! (د. علا بطرس)



عندما اتخذ رئيس وزراء انكلترا ونستون تشرشل قرار الحرب لمقاومة المانيا هتلر، حاول نيفيل تشمبرلين رئيس مجلس اللوردات الحؤول دون ذلك والاستسلام، الا ان تشرشل خاض مواجهة داخلية بعدما اقنع الملك جورج السادس ان الشعوب التي تقاوم تستحق الحياة بعكس اي خيار مناقض ينهي وجود دولها. وعليه، استقل تشرشل القطار من ١٠ داوينغ ستريت الى ويستمنستر سائلاً العمال من شباب ونساء عن موقفهم من الازمة الوطنية حيث عبروا بوضوح انهم سيقاومون اي احتلال لبلدهم حتى بالمكانس. هكذا يفكر القادة الكبار عند الازمات يواجهون دون تراجع حتى الانتصار. وهكذا كانت مسيرة العماد ميشال عون الذي كلّفه موقف السيادة ١٥ عاماً من النفي والنضال حتى انتهت الوصاية.
 
تعاني الاوطان من ازمات لكن هناك فرق كبير في النتائج بين انواعها. فالازمات الحياتية تقوض مناعة المجتمع وفعالية الدولة، أما الازمات السيادية فهي التي تقضي على وجود البلد وهويته ودوره. لذلك من غير المقبول احباط الشعب بالكلام المسيء وشلّ الامل في النفوس مهما بلغت التحديات والضغوط. فلو فكّر اهلنا في الجنوب بقدرات اسرائيل التي قيل عنها انها لا تُقهر لما حصل التحرير عام ٢٠٠٠، ولو فكر اللبنانيون ان الحرب الاهلية لن تنتهي لما استطاعوا اعمار لبنان، ولو أُرهب اللبنانيون من وجود "داعش" و"النصرة" في جرود السلسة الشرقية لما ناموا مطمئنين في بيوتهم وكانوا تحضروا للهرب والهجرة.
 
صحيح ان لبنان يعاني من الازمات الحياتية الضاغطة لكنها موروثة، وهذا ناجم عن غياب الحوكمة الرشيدة منذ انتهاء الحرب في العام ١٩٩٠ بسبب الافتقار الى السياسات العامة لبناء الدولة وسوء توزيع الثروة وغياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفساد على نطاق واسع. وعليه، ان هذا النوع من الازمات يجعلنا في حالة من التخلف فتبدو الدولة كنموذج فاشل. وهذا ما يعمل على تغييره الرئيس عون منذ توليه الحكم بطرح خطة التطوير الاقتصادي والاصلاح المالي والبنيوي (ماكنزي وسيدر) ويعوّل على الحكومة العتيدة في مسار النهوض لمعالجة الازمات التي تعتبر خدماتية واساسية وحيوية. ويبقى دور المواطن اساسياً في المحاسبة والمساءلة تجاه كل مسؤول يجده فاسداً. فالبكاء على الحالة لن يغيّر شيئاً في الواقع ما لم يغيّر المواطنون في منهجية سلوكهم. فالنظام الانتخابي النسبي الذي أُقرّ بفضل الرئيس عون يتيح التعددية السياسية فلمَ لا يُقدّم المعترضون رؤيتهم لإصلاح الشأن العام؟!
 
اما الازمات التي تنسف فعلاً بالبلد فهي السيادية والوجودية وليس الازمات الحياتية. فمسألة وجود مليون ونصف من النازحين السوريين ونصف مليون من اللاجئين الفلسطنيين يهدد وجود الدولة والهوية ومعنى لبنان كوطن الرسالة القائم على التنوع والتوازن. في هذه الحالة، يمكن ان نقول "طار البلد". وهنا يواجه الرئيس عون المجتمع الدولي في السياسة والدبلوماسية برفض التوطين والعمل على عودة النازحين السوريين بأمان وكرامة الى وطنهم. وهو المسؤول العربي الذي يرفع الصوت عالياً في مدافعته عن القضية الفلسطينية وحق العودة منبّهاً من المخاطر على السلام الاقليمي. ونسأل لمَ لا يتداعى الفنانون والروائيون والاعلاميون لرفع الصوت عن الظلم اللاحق تجاه النازحين من المجتمع الدولي بكبح عودتهم وهم يئنون من الفقر والبرد والجوع والتشرد؟ اي فنان اطلق صرخة بحق الاضطهاد الممارس ضد الاقليات في الشرق الاوسط؟!
 
عندما كانت وزيرة الثقافة الاسرائيلية ميري ريغيف تشارك في حفل توزيع جوائز الانتاج السينمائي غادرت القاعة احتجاجاً بعدما سمعت مغني الراب تامر نفار يغني شعراً لمحمود دوريش بعنوان "سجّل انا عربي" ... لنسأل اين هم الفنانون اليوم من تهويد القدس؟!
 
ختاماً، قال احد يوماً ان لبنان هو وطن صنعه الرحابنة وغنته فيروز فبات هوية جسدت تاريخاً طويلاً من المقاومة والحرية. هكذا يكون الفن ... والرسالة!
 


http://bit.ly/2EjkIqv


google-playkhamsatmostaqltradent