الرئيس عون واللبنانية الاولى حضرا قداس عيد الميلاد في بكركي
-----------------------------------------
رئيس الجمهورية: تأليف الحكومة يواجه معركة سياسية وثمة من يسعى الى إحداث تغيير في التقاليد والاعراف
-----------------------------------------------
البطريرك الماروني للرئيس عون: نحن نشعر معكم بالغصّة ونسأل الله أن يبارك خُطاكم ويزيدكم حكمةً في قيادة الوطن الحبيب
---------------------------------------------------
البطريرك الراعي منح الرئيس عون وسام مار مارون تقديراً لعطاءاته وتضحياته وقدم له وللبنانية الاولى الايقونة الالهية الاولى للعائلة المقدسة لمناسبة اليوبيل الذهبي لزواجهما
---------------------------------
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن عملية تشكيل الحكومة تواجه معركة سياسية تحول دون التأليف لافتاً الى أن "ثمة من يسعى الى إحداث تغيير في الاعراف والتقاليد في لبنان".
ودعا الرئيس عون، في اعقاب الخلوة التي عقدها مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبيل القداس الذي اقيم في بكركي صباح اليوم لمناسبة عيد الميلاد، الى الصلاة من أجل أن تحل صعوبات تشكيل الحكومة التي يبدو أنها بحاجة الى بعض الوقت."
بدوره، اشار البطريرك الراعي الى أن الشعب اللبناني كان ينتظر حكومة جديدة هدية العيد "تخرجه من قلق المعيشة والأزمة الإقتصاديّة المتسببة بتفكّك العائلة والحياة الزّوجيّة وتدنّي الأخلاق وسقوط معظم شبابنا ضحايا المخدّرات ومروّجيها المحميّين"، مؤكداً على أنها "رغبة الرئيس عون والمحبّين حقًّا للبنان وشعبه ومؤسّساته. فكان أنّ أصحاب القلوب الفارغة من الحبّ والمشاعر الإنسانيّة، والولاء للوطن والإخلاص للشّعب، خنقوا فرحة العيد ورغبتكم ورغبة اللبنانيين في قلوبهم".
وتوجه الى الرئيس عون بالقول:" نسأل الله أن يبارك خُطاكم ويزيدكم حكمةً في قيادة الوطن الحبيب وسط ما يحيط به من صعوبات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، وما يلحق به من نتائج الحروب والنّزاعات الدّائرة في المنطقة، ونحن نشعر معكم بالغصّة، إذ كنتم ترغبون أن تُبهجوا الشّعب اللّبنانيّ وتكمّلوا فرحة العيد بإهداء حكومة جديدة لوطن يُطعن من الدّاخل، ولشعبٍ يتآكله القلق واليأس وفقدان الثّقة بحكّامه."
وكان الرئيس عون وصل الى الصرح البطريركي قرابة التاسعة والنصف، حيث كان في استقباله المطارنة حنا علوان، بولس صياح وعاد ابي كرم، وتوجه على الفور الى صالون الصرح حيث كان في استقباله عند المدخل الخارجي للصالون البطريرك الراعي والكاردينال مار نصر الله بطرس صفير والنائب البطريركي المطران سمير مظلوم. وخلال التقاط الصور التذكارية في الصالون الكبير، قال البطريرك ان اللبنانيين كانوا يتمنون ان يكون تشكيل الحكومة "عيدية لهم " فردّ الرئيس عون قائلاً أنه يبدو أن عملية التشكيل تواجه معركة سياسية تحول دون التأليف، كما يبدو أن ثمة من يسعى الى إحداث تغيير في الاعراف والتقاليد في لبنان. وبعد إلتقاط الصور، توجه الرئيس عون والبطريرك الراعي الى مكتب البطريرك حيث عقدا خلوة استمرت نحو نصف ساعة عرضا خلالها لآخر التطورات المحلية لاسيما على صعيد عملية تشكيل الحكومة والصعوبات التي تواجهها، كما تطرقا الى الوضع الاقتصادي والتطورات الاقليمية.
تصريح الرئيس عون
وبعد الخلوة، غادر الرئيس عون الصالون الكبير وانضمت اليه اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون التي كانت وصلت في وحت لاحق الى الصرح البطريركي، حيث عايد رئيس الجمهورية الصحافيين، متمنيا ان يعيده الله عليهم وعلى اللبنانيين بالخير والسعادة والسلام.
وقال:" نحن نعيش في ظل أزمة تأليف الحكومة، فصلوا كي تحل الصعوبات، إذ يبدو أن البعض يضع تقاليد جديدة في عملية التأليف لم نكن نعرفها من قبل، وهي بحاجة الى بعض الوقت لحلّها."
ثم انتقل الرئيس عون واللبنانية الاولى الى الكنيسة الخارجية للصرح حيث حضرا القداس الميلادي الذي ترأسه البطريرك الراعي وعاونه فيه نوابه العامون المطارنة سمير مظلوم ويوسف الصياح وحنا علوان ورفيق الورشا والمونسينيور دومينيك لبكي وخدمت القداس جوقة ارزة لبنان. وحضر القداس الكاردينال صفير، الوزيران سيزار ابي خليل وطارق الخطيب والنواب ابراهيم كنعان، سيمون ابي رميا، مصطفى الحسيني، حكمت ديب، فريد هيكل الخازن، العميد شامل روكز، روجيه عازار، شوقي الدكاش، الوزير السابق زياد بارود، النائبان السابقان ناجي غاريوس، ونعمة الله ابي نصر، رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، رئيس الرابطة المارونية انطوان اقليموس، نقيب المحررين جوزف قصيفي، قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، مدير المخابرات العميد طوني منصور، قائمقام كسروان الفتوح جوزف منصور، السفير الدكتور خليل كرم، وكبار المسؤولين في رئاسة الجمهورية وحشد من الفعاليات السياسية والعسكرية والنقابية والديبلوماسية، ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد من المؤمنين.
عظة البطريرك
وبعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة رحب في مستهلها بالرئيس عون واللبنانية الاولى وجاء فيها:
" فخامة الرّئيس،
يسعدنا جميعًا أن تكونوا مع السّيّدة اللّبنانيّة الأولى عقيلتكم على رأس المحتفلين بهذه اللّيتورجيّا الإلهيّة في عيد ميلاد فادي الإنسان ومخلّص العالم، يسوع المسيح، "الإله الذي صار إنسانًا، ليؤلّه الإنسان" (القدّيس أمبروسيوس). إنّكم بحضوركم، محاطين بهذه الكوكبة من أصحاب المقامات السياسية والقضائية والدبلوماسية والعسكرية والحزبية والإخوة والأخوات، تحيون عادةً حميدةً تُبهج أسرتنا البطريركيّة وهذا الصّرح.
فيطيب لي أن أعرب لكم، فخامة الرّئيس، عن أطيب التّهاني والتّمنّيات بالميلاد المجيد والسّنة الجديدة الطّالعة 2019. ونسأل الله أن يبارك خُطاكم ويزيدكم حكمةً في قيادة الوطن الحبيب وسط ما يحيط به من صعوبات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، وما يلحق به من نتائج الحروب والنّزاعات الدّائرة في المنطقة. نحن نشعر معكم بالغصّة، إذ كنتم ترغبون أن تُبهجوا الشّعب اللّبنانيّ وتكمّلوا فرحة العيد بإهداء حكومة جديدة لوطن يُطعن من الدّاخل، ولشعبٍ يتآكله القلق واليأس وفقدان الثّقة بحكّامه.
كما يُسعدني أيضًا أن أقدّم أخلص التّهاني والتّمنّيات بالأعياد لكلّ الحاضرين معنا، بل لجميع اللّبنانييّن مقيمين ومنتشرين.
وإنّا نصلّي معًا من أجل الاستقرار في وطننا بتأليف حكومة جديدة، والسّلام في بلدان الشّرق الأوسط، وعودة جميع النّازحين واللّاجئين إلى أوطانهم وبيوتهم، حفاظًا على حقوقهم المدنيّة وثقافتهم الوطنيّة وتاريخهم.
يوم ميلاد ابن الله إنسانًا لخلاص العالم، كانت البُشرى "بالفرح العظيم لجميع النّاس" (راجع لو2: 10-11). وكان إعلانها الأوّل لرعاة بيت لحم البسطاء المتواضعين والبعيدين عن كبرياء وأنانيّة أغنياء أورشليم. فتلقّوها بإيمانٍ وحبٍّ، وأسرعوا إلى المذود، حاملين هدايا حبّهم كما أنشد القدّيس أفرام السّريانيّ: "ليوسف لحمًا نقيًّا، ولمريم حليبًا لذيذًا، وللطّفل تسبيحًا. وقدّموا حَمَلاً رضيعًا لمن سيكون حَمَل الفصح، بكرًا للبكر، ذبيحًا للذّبيح، حَمَلَ الزّمان لِحَمَلِ الحقّ".
وكانت البُشرى لعلماء الفلك، مجوس بلاد فارس، فقرؤوها في حركة النّجوم. رأوا وآمنوا وجاؤوا من بعيدٍ إلى بيت لحم على هدي النّجم، وقدّموا هداياهم النّبويّة الصّادرة من قلوبهم المؤمنة والمُحبَّة: ذهبًا لِمَن هو المَلِك، ولُبانًا – بخورًا لِمَن هو الكاهن، ومرًّا – حنوطًا لذبيح الفداء.
من الرّعاة والمجوس انطلقت عادة تقديم الهدايا في عيد الميلاد. وكان شعبنا اللّبنانيّ ينتظر هديّة العيد: حكومة جديدة بعد انتظار سبعة أشهر كاملة، تخرجه من قلق المعيشة والأزمة الإقتصاديّة المتسببة بتفكّك العائلة والحياة الزّوجيّة وتدنّي الأخلاق وسقوط معظم شبابنا ضحايا المخدّرات ومروّجيها المحميّين.. ونعرف أنّ هذه كانت رغبتكم، فخامة الرّئيس، ورغبة المحبّين حقًّا للبنان وشعبه ومؤسّساته. فكان أنّ أصحاب القلوب الفارغة من الحبّ والمشاعر الإنسانيّة، والولاء للوطن والإخلاص للشّعب، خنقوا فرحة العيد ورغبتكم ورغبة اللبنانيين في قلوبهم.
فكانت أوّل من أمس ردّة فعل الشّعب المحقّة التي انطلقت بمظاهرات كعلامة غضب ورفضٍ للسّياسة اللّامسؤولة والمهترئة بالأنانيّة والفساد والمكاسب غير المشروعة وبالجنوح نحو تعطيل مسيرة الدولة. وقد دعوتم منذ يومين، فخامة الرئيس، إلى التّمسّك بالرّجاء ورفض اليأس، فلا بدّ لهذه الظّلمة، كما قلتم، من أن تنجلي ونحن نؤمن بذلك، فعند ميلاد ابن الله في ظلمة اللّيل الحالك، أشرق من السّماء نور الخلاص كشمس الظّهيرة، وتمّت نبوءة أشعيا: "الشّعب السّائر في الظّلمة أبصر نورًا عظيمًا، والجالسون في أرض الموت وظلاله أشرق عليهم النّور" (أش1:9).
ومع ذلك نعرف وجعكم فخامة الرئيس واستياءكم أنتم الذين أعلنتم في خطاب القسم أنّ "الأهمّ، في مسؤوليّتكم الأولى، إطمئنان اللّبنانيين إلى بعضهم البعض وإلى دولتهم بأن تكون الحامية لهم، والمؤمِّنة لحقوقهم وحاجاتهم، وأن يكون رئيس الجمهوريّة ضامن الأمان والاطمئنان".
إنّ الفرح المعلَن للبشريّة بميلاد الإله إنسان، يعني عودة بهاء الإنسانيّة إلى كلّ إنسان، لكونه مخلوقًا على صورة الله. إنها الأنسنة الجديدة مع الميلاد التي لا تتعايش مع الكبرياء والتسلّط والحقد والانانيّة والبغض والظّلم والتّعذيب وفساد القلب وموت الضّمير بخنق صوت الله في أعماق الإنسان. فإذا عاد الإنسان إلى إنسانيّته، دخلت الأنسنة السّياسة فيتوقّف السّياسيّون عن ابتزاز مؤسّسات الدّولة وسلب مالها العام وهدره، وعن قهر المواطنين وحرمانهم حقوقهم، ويجعلون الدستور وحده قاعدة الحكم. ودخلت الإقتصاد فلا يتحوّل سوء استعماله لاستغلال الإنسان ورفع شأن المادّة على حساب كرامته وحقوقه، ولجعل الأغنياء أكثر غنى والفقراء أكثر فقرًا. وإذا عاد الإنسان إلى إنسانيّته دخلت الأنسنة الوزارات والإدارات العامّة فترتدع عن السّرقة والرّشوة والهدر، وتتحرّر من الفساد والمفسدين وطغيان السّياسيّين والمذهبيّين. ودخلت القضاء فيحكم بالعدل والانصاف متحرّرًا من الإغراءات الماليّة والتّدخّلات الطائفية والسّياسيّة والحزبيّة. ودخلت الأنسنة الإعلام ومختلف وسائل التّواصل الإجتماعيّ، فتكفّ عن بثّ سُمّ الكذب والمأجوريّة وانتهاك الكرامات والافتراء وتوجيه الإساءات. ودخلت المجتمع فينبذ الخلافات والنّزاعات وانحطاط القيم، ويعزّز جوَّ الأُلفة والتّضامن والتّرابط.
فخامة الرئيس، أيها الإخوة والأخوات، هذه هي معاني "الفرح العظيم" الذي بشّر به الملاك لجميع الشعوب ليلة ميلاد فادي الإنسان ومخلّص العالم، يسوع المسيح. بهذا الفرح الذي نلتزم كلنا بنشره في حياتنا اليوميّة: في العائلة والمجتمع والكنيسة والدولة، نعلن بالمسرَّة الكبرى:
وُلد المسيح ! هللويا !"
وسام مار مارون والايقونة المارونية الاولى للعائلة المقدسة
وبعد انتهاء القداس الالهي منح البطريرك الراعي رئيس الجمهورية وسام مار مارون، وهو الوسام الارفع في الكنيسة المارونية، تقديراً لعطاءاته وتضحياته في سبيل لبنان.
ثم قدم البطريرك الراعي الى الرئيس عون واللبنانية الاولى الايقونة الالهية الاولى للعائلة المقدسة المستوحاة من ايقونة "سيدة ايليج"، وذلك لمناسبة اليوبيل الذهبي لقبولهما سر الزواج المقدس (50 سنة).
تقبل التهاني بالعيد
وفي الختام، توجه الرئيس عون والبطريرك الراعي والاساقفة الى صالون الصرح حيت تقبلوا التهاني بالعيد من الحاضرين.