recent
أخبار ساخنة

النائب الدكتور فريد البستاني: المصالحة أثمن من أي سياسة

الصفحة الرئيسية


أنتجت حوارات تيار المردة والقوات اللبنانية مصالحة تاريخية بينهما بعد أربعين عاما من الفراق الناتج عن حدث دموي مؤلم، ورعى سيد بكركي البطريرك بشارة الراعي هذه المصالحة مانحا لها بركته الرسولية السامية، وإستغرق الكثير من السياسيين والإعلاميين في توصيف الأبعاد السياسية  أو التوازنات المصلحية وربما المعاني الرئاسية لهذه المصالحة، وخبرة اللبنانيين مع الخصومة والمصالحة من جهة والسياسة من جهة أخرى، تقول ان لبنان يبقى المستفيد الأول من كل مصالحة  وأن التحالف والتفاهم كما التخاصم هي من صفات السياسة، حيث لا تحالفات دائمة وحيث التطلعات والحسابات السياسية التي يتوقعها أطراف المصالحة منها ، تتحرك في السياسة، وقد تصيب اهدافها وقد لاتصيب، ويخطئ من يقرأ المصالحة بهذه العين الضيقة سواء كان ذلك من موقع التأييد بخلفية الحساب السياسي الفئوي الضيق، أو كان من موقع الخشية من التبعات السياسية المفترضة. 
 
في حياتنا الوطنية مصالحتان حاضرتان، الأولى كانت مصالحة الجبل، التي جاءت بمبادرة من الزعيم الوطني وليد بك جنبلاط وبرعاية مميزة من بكركي بشخص البطريرك نصرالله صفير، وكتب وقيل الكثير فيها وعنها من زوايا متعددة، بعضها يتصل بالتحالفات والتوازنات السياسية، وبعضها يتصل بعودة المهجرين، وبعضها إعتبر حينها بريدا لرسائل سياسية محلية وإقليمية، وقد مر من الوقت الكثير على هذه المصالحة، ومع هذا الكثير من الوقت تراجعت وتقدمت تحالفات وخصومات، وتحققت وأخفقت أهداف وتمنيات، وبقيت قضايا عالقة وتحقق بعض منها، لكن شيئا لم يعد ممكنا له العودة إلى الوراء وهو المصالحة بعينها، وروحها المتمثلة بالعزم المشترك لدروز ومسيحي الجبل  بالعيش معا، مهما تنوعت السياسة بين صفوف كل منهم وبينهم معا، ومهما إرتفعت رايات الخصومة بين المكونات الوازنة والمقررة التأثير بوجهة السياسة لدى  كل من الأغلبية الدرزية والأغلبية المسيحية، فإن جوهر المصالحة وروحها ، يقولان بأن الخصومة لن تتخطى السياسة السلمية إلى ما كان قبل المصالحة من تهديد للعيش معا . 
 
المصالحة الثانية كانت مصالحة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وما قيل فيها أو بني عليها في السياسة لم يكن أقل، مما شهدته مصالحة الجبل من تطلعات أطرافها أو تعليقات المحيطين بها، فربطت بالإستحقاق الرئاسي، أو بآمال بتشكيل ثنائي متناغم، أو بتقاسم حصص نيابية وحكومية، أو بإعتبارها إصطفافا طائفيا بوجه إصطفافات مقابلة، ولم يمر الوقت الكثير حتى ظهر أن السياسة المتحركة غيرت الكثير من التطلعات والآمال من جهة ، وبددت الكثير من الشكوك والمخاوف من جهة مقابلة، لكن الذي بقي هي المصالحة بعينها، وروحها وجوهرها، أي أن التيار والقوات قد نجحا بطي صفحة التصادم، وإرتضيا بدلا منها، التنافس الإيجابي، وعزمهما معا على إدارة الصراع والخصومة عندما يعبران عن الحال بينهما بما لا يعرض روح المصلحة وجوهرها للأذى، وبالمقابل عدم التردد في البناء على كل إيجابية تتيح التفاهم والتحالف دون تردد وتهيب، لأن هذا كان قبل المصالحة العائق دون تظهير كل تلاق أو إدارة أي حوار. 
 
العبرة التي تقولها لنا التجارب تدعونا لنشد على أيدي المتصالحين في المردة والقوات، وان نستزيد من بركة بكركي لتعميدها بالنجاح، وأن نراها إشارة خير مستقبلي للبنان عموما ومسيحييه بصورة خاصة، وأن نرتقي بالنظر لهذه المصالحة فوق كل تأويل سياسي، في صفوف من يبني عليها آمالا أو من يرسم حولها مخاوف وشكوك، ورغم أن الآمال والشكوك مشروعة إلا أن كل هذا زائل، والباقي هي المصالحة.


http://bit.ly/2DZeewz


google-playkhamsatmostaqltradent